الشهيد القائد أبوعلي إياد (وليد احمد نمر نصر الحسن)


محطات .. في سيرة البطل الشهيد

الاسم الكامل :- وليد احمد نمر نصر الحسن، من مواليد قلقيلية في 12/1/1935م .

اتم تحصيله الثانوي في قلقيلية حيث حصل على شهادة المترك عام 1953 . عمل مدرساًبعد المترك مباشرة ولمدة وجيزة في مدارس قلقيلية وعزون . انهى دورة تدريبية لاعداد المعلمين في بعقوبة العراق عام 1954. عمل مدرساً في المملكة العربية السعودية منذ عام 1954 وحتى 1962 ولم يكن عمله في السعودية بعيداً عن العمل العسكري اذ كان مدرساً في دورات اعداد الجند وتثقيفهم .

في عام 1962 وفور اعلان استقلال الجزائر انتقل اليها ليعمل مدرساً ويسهم في حركة التعريب في هذا البلد العربي .

انضم الى العمل الثوري الفدائي منذ الاعلان عن انطلاق الثورة الفلسطينية في الفاتح من كانون الثاني عام 1965.

في عام 1966 انيطت به مهمة الاعداد للعمليات العسكرية في الارض المحتلة انطلاقاً من الضفة الغربية. وقد اسهم في هذه الفترة مع القائد أبي عمار في تجنيد الكثير من ابناء فلسطين لحركة فتح .

وفي هذه الفترة النضالية شهد ابو علي الوقائع والمعارك الكبيرة، فقد قاد الهجوم على بيت يوسف يوم 25/4/1966 ، وكان هجوماً عنيفاً، لم تتعرض المستعمرات الاسرائيلية لمثله حتى هذا التاريخ، كما قاد هجومات عديدة على مستعمرات هونين، المنارة وكفار جلعادي .

وكان ابو علي اياد، رجل العمل والممارسة، يحضر لدوريات القتال والاستطلاع ودوريات العمق، ويشرف بنفسه على التفاصيل والاهداف، وكان يجسد بنضاله وحركته الدؤوبة الفكر الوطني الذي اطلقته حركة فتح، فكان مع المقاتلين منذ انطلاقة الثورة وحتى سقط شهيدا، بعد ان قرر ورفاقه الموت واقفين على الا يركعوا. وعندها مضى الى جوار ربه، ترك تاريخاً حافلاً بالتضحيات والامجاد، وظل امثولة حية في نفوس الرجال، الذين يستمدون منه ومن ذكراه استمرار المسيرة النضالية نحو تحقيق النصر .

في عام 1966 غادر الى سورية ليقوم هناك بتدريب واعداد قوات العاصفة، وأخذ باعداد قوافل الاشبال ورعايتهم في اطار الثورة الفلسطينية المسلحة .

وفي سورية، في معسكر الهامة المشهور اصيب اثر انفجار لغم اثناء التدريب باحدى عينيه وبساقه التي استعاض عنها بعصاه التي مازال لها ذكريات عند رفاقه الفدائيين.

عاد الى الاردن عقب حرب حزيران عام 1967 واوكلت اليه مهمة قيادة الثورة الفلسطينية في عجلون .

نفذ خلال فترة وجوده في الاردن عدة عمليات عسكرية عبر نهر الاردن استهدفت معسكرات الاحتلال ومستعمراته .

من الالقاب التي اطلقها القائد ابو عمار عليه "عمروش فلسطين" وكان اللقب حبيباً الى قلبه شأنه شأن اللقب الآخر"بطل الجبل". انتخب عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمر الحركة العام الثاني مع انه كان موجوداً خلال المؤتمر في المستشفى. كذلك كان عضواً في القيادة العامة لقوات العاصفة .

شارك الى جانب عمله العسكري بنشاطات سياسية فكان ضمن الوفود الفلسطينية التي زارت الاقطار العربية والاشتراكية وكان آخر زياراته مع وفد الثورة وعلى راسهم " ابو عمار " الى الصين. اسهمت علاقاته الودية مع القادة العراقيين في تسهيل امداد الفدائيين في الكرامة بالسلاح . كما واسهمت علاقاته الوطيدة بالسوريين في ظهور ما عرف باجازة فتح وهي الورقة التي كانت الدائرة العسكرية في فتح تصدرها لتسهيل التحرك بين الاقطار العربية .

فقدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والثورة الفلسطينية، واحداً من أبرز مناضليها، هو القائد الرمز وليد احمد نمر نصر الحسن (ابو علي اياد) والذي كان له شرف المساهمة مع عدد من اخوانه، في تأسيس تجربة الكفاح المسلح الفلسطيني، التي اذكت شعلة الثورة والمقاومة والصمود في صفوف الشعب الفلسطيني .

كان الشهيد ابو علي اياد متحمساً، حيث كان يدرك ان مهمته الاساسية التدريب والتحضير والاعداد، ليشكل بذلك الرصيد الاساسي للقواعد الارتكازية والعمليات البطولية . كما كان صاحب نظرة اسبارطية للتربية، حيث توجه بحسه ووعيه الى تربية الاجيال، الذين اصبحوا الآن قادة عسكريين .

في 27/7/1971 استشهد ابو علي اياد في أحراش "جرش عجلون" .

اقامت قيادة الثورة الفلسطينية والقيادة العامة لقوات العاصفة جنازة رمزية للشهيد في 17/8/1971 انطلقت من مستشفى الهلال الاحمر الفلسطيني في المزة الى جامع فلسطين في مخيم اليرموك .

 

أصدرت القيادة العامة لقوات الثورة الفلسطينية البيان التالي :

تنعى قيادة الثورة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) الى الجماهير العربية والفلسطينية قائداً من قادتها، ومناضلاً من رجالها، وبطلاً من أعز بنيها، الشهيد البطل (وليد احمد نمر) والمشهور باسمه الحركي (ابو علي اياد) عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) وقائد قوات الثورة الفلسطينية في منطقة عجلون ...

والقيادة العامة للثورة إذ تنعى البطل الشهيد (أبو علي أياد) الذي سقط ضحية التواطؤ الأمبريالي الهاشمي وضحية التآمر العربي العميل تقدم لجماهيرنا وأمتنا قصة استشهاد المناضل الشهيد ...

ففي يوم الاثنين 12/7/1971 ، وعلى أثر الحشود العسكرية الأردنية التي بدأت تتجه من الشمال الى منطقة عجلون جمع القائد الشهيد قادة السرايا في المنطقة ، وأصدر لهم تعليمات واضحة بعدم التعرض للأهداف المدنية في حالة المعركة وألاّ تساء معاملة الأسرى من الجنود ، كما أوصاهم بالقتال دفاعاً عن كرامة الثورة ووجودها ..

وبدأت المعركة صباح اليوم التالي ، وكانت شرسة وقذرة، استعملت فيها القوات المهاجمة، كل أساليب الدمار والقتل

والهمجية. ولكن القائد الشهيد (أبو علي أياد) كان يصرخ في رجاله (الصمود الصمود أيها الرجال ، الثورة غرم وليست غنما ، فادفعوا ضريبة الصمود).

وأرسل برقية للقيادة العامة يقول فيها :

(قررنا أن نموت واقفين ولن نركع والله معنا).

واستمر الشهيد القائد يقاتل حتى وصلت آخر برقياته الى أخيه أبو عمار يقول فيها..

(المعركة قاسية وعنيفة والقتال وجهاً لوجه ونقاط التعزيز قد قطعت وسنقاتل حتى الشهادة).

وهكذا كان للشهيد ما أراد حيث كانت دوريات كبيرة ومتعددة من سرايا الفرقة الثانية تفتش الجبال والوهاد والقرى المجاورة بحثاً عن (ابو علي أياد) وقد رصد مبلغ كبير لمن يلقي القبض عليه حياً أو ميتاً .. وبينما كان الشهيد القائد يحاول عبور منطقة جبلية مع بعض رفاقه صادفتهم دورية للجيش الأردني، واشتبكت معهم الى أن نفذت ذخيرتهم، واستشهد الجميع عدا ابو علي اياد. وقد احاطت بالبطل الجريح ثلة من العسكر بقيادة الملازم أول نادر الخالدي ، من كفر يوبا، قضاء أربد ، الذي اقتاده فوراً الى قيادة الفرقة الثانية وجراحه تنزف .

واستقبل البطل الجريح قائد الفرقة المجرم السفاح عطا الله غاصب ومعه عدد من ضباط وجنود الفرقة ، وبعد أن أجرى المجرم عطا الله غاصب اتصالاً لا سلكياً بالملك حسين شخصياً، تلقى أمراً من الملك بالإجهاز على البطل الجريح، وتم على الفور تنفيذ الأمر الملكي واطلاق النار على البطل الشهيد (أبو علي أياد) ثم صدر الأمر بإرساله الى عمان الى رئاسة الأركان الاردنية لأن القيادة العامة للجيش الأردني لم تصدق خبر قتل أبو علي اياد ..

وفعلاً أرسلت جثة الشهيد الى رئاسة الأركان حيث كان في استقبالها الملك حسين وخادمه الرخيص وصفي التل وثلة من العملاء والمأجورين يشتفون بحقدهم من البطل الشهيد وهو جثة هامدة بين أيديهم ، وينتزع الأجير عصا الشهيد القائد (ابو علي اياد) التي كان يتوكأ عليها من ألم في ساقه أصابه من خلال معارك مع العدو الصهيوني ليضعها في متحفه الخاص أشارة الى انتصاره على الرجال الأحرار والمناضلين الأبطال ..

يا جماهيرنا العربية والفلسطينية ..

هذه قصة استشهاد البطل القائد، ولقد تأخرنا في إصدار بلاغ رسمي بإستشهاده حتى نجمع المعلومات الصادقة حتى جاءنا الخبر اليقين ..

في ذمة الله أيها البطل الشهيد ، نودعك اليوم كما ودعنا بالأمس رفيقك الشهيد القائد أبو صبري ، ومعك قلوب أخوانك ، وعهداً على مواصلة السير في طريق الثورة حتى النصر .

 

ذكريات الشهيد ابو عمار عن الشهيد ابو علي اياد

بسم الله الرحمن الرحيم

"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً "

صدق الله العظيم

قبل ربع قرن ، وفي مرحلة من اقسى مراحل الثورة الفلسطينية ، ودع شعبنا الفلسطيني اثنين من ابرز قياداته العسكرية والتنظيمية الفذة. ‏ وهما الاخ وليد احمد نصر الحسن " ابو علي اياد " وممدوح صيدم (ابو صبري) عضوي القيادة العامة لقوات العاصفة ، وعضوي اللجنة المركزية لحركة فتح .

ونحن اذ نتوقف اليوم بإجلال واحترام امام ذكراهما الخالدة ندرك جيداً اننا وصلنا الى ارض الوطن ، وان هذا الوصول ما كان يمكن له ان يتحقق لولا ذلك السيل الجارف من التضحيات العظيمة التي قدمها ابناء شعبنا الفلسطيني البطل . ولولا ذلك الصرح الشامخ من الشهداء القادة الرموز من قادة فتح ومؤسسيها الاوائل . عبدالفتاح حمود، ابو علي اياد، ابو يوسف النجار، كمال عدوان ، ماجد ابو شرار ، ابو الوليد ، ابو اياد، ابو الهول ، ابو المنذر وابو السعيد .

كان متدفقاً متحمساً ، الامر الذي جعله يتوجه الى الجيل الجديد ، الى الاشبال والى التربية الاسبارطية التي تجعل من المقاتل المتحمس اسطورة شجاعة دون تردد او وجل . وقد تربى على يدي الشهيد ابو علي جيل عظيم من ابناء حركتنا ، ولا ابالغ اذا قلت ان معظم القيادات العسكرية بمرتبة عقيد في قواتنا اليوم هم من اشبال ابو علي اياد .

وقد لعب الشهيد دوراً متميزاً في العلاقة مع قوات الجيش العراقي المتواجدة على الجبهة الشرقية ، كانت مهمته التدريب والتحضير والامداد فكان يشكل الرصيد الاستراتيجي لكل العمل في القواعد، الارتكازية شرق النهر ، وللعمليات البطولية داخل الارض المحتلة ، وحين اصبحت معركة الكرامة قاب قوسين او ادنى قام ابو علي بامدادنا بالمقاتلين وتوصيلهم الى ارض الكرامة بالتنسيق مع الجيش العراقي .

وحين نشبت المعركة كان ابو علي في سوريا ودخل الاردن والمعركة على اشدها ، وتوجه الى السلط دون ان تكون لديه ولدى سائقه الوثائق اللازمة . وهنا لا بد ان اذكر حادثة كان لها اثر كبير في مسيرة الحركة النضالية . فقد اراد الاخ ابو علي ارسال رسالة الى سوريا لطلب الامداد . فكتب على ورقة من مفكرته :

الى من يهمه الامر ...

يرجى السماح للمناضل محمد حسن بالذهاب الى سوريا والعودة في السيارة رقم 352680

القياة العامة لقوات العاصفة

ابو علي اياد

وذهبت السيارة الى سوريا وعادت، واصبحت هذه المبادرة تقليداً اصبح حقاً مكتسباً ، اصبحت اجازة فتح السيف الذي مزق اتفاقية سايكس بيكو ، حيث اصبح اعضاء حركتنا يتنقلون بواسطتها الى جانب الهوية العسكرية من الاردن الى سوريا الى لبنان والى العراق وحتى الكويت .

وقد تعرض الشهيد ابو علي اياد الى اصابة اثناء التدريب في الهامة . وقد انتخب في المؤتمر العام الثاني للحركة عضواً في اللجنة المركزية بصفته مؤسساً وكان يومها لا يزال في المستشفى .

هذا هو الرعيل من القادة الرموز الذين قضوا نحبهم ، ونحن الباقون ، مشاريع الشهادة ننتظر. فالعهد هو العهد ، والقسم هو القسم بكل صدق واخلاص .

وللشهيد ابو علي اياد ذكريات خاصة في نفسي وفي نفوس كل الذين عرفوه عن قرب ، وحتى الذين سمعوا عنه ولم يقابلوه . كان احد اساطير ثورتنا بما اتصف به من الصلابة الفائقة والقدرة على التنظيم العسكري والتشدد في مبدأ الضبط والربط ، والعنف الثوري، فلا تساهل ، ولا حلول وسط ... " يا ثوري يا مش ثوري " كان عسكرياً من الطراز الاول وثورياً نادر المثال .

كان من اوائل الذين تفرغوا للعمل وللانطلاقة ، فقد ترك الجزائر حيث كان يعمل جنباً الى جنب مع الشهيد ابو جهاد ، وقاد دوريات الاستطلاع والعمليات العسكرية .

وفي الفترة العصيبة التي مرت على حركتنا اثناء محاولة المخابرات السورية السيطرة على مقادير الحركة ، والتي تم خلالها اعتقال القيادة المتواجدة على الارض السورية اثر اغتيال محمد حشمة واحمد عرابي ، حيث اعتقل معي كل من الاخوة ، ابو جهاد وابو صبري وابو العبد العكلوك وابو يحيى والمختار بعباع والزغموط. وقد بقي ابو علي اياد حراً طليقاً ولم يتوقف عن العمل العسكري واستمر في تنفيذ العمليات مؤكداً استمرار الحركة في العمل على الرغم من اعتقال القيادة ، ولكن المخابرات القت القبض عليه فالتحق بنا في المعتقل . ولكن العمل لم يتوقف حيث استمرت الاخت ام جهاد بتوجيه العمل الى ان تم الافراج عنا بعد حضور الاخ الشهيد ابو اياد والاخ ابو اللطف الى سوريا وبعد الاتصال مع احمد سويداني و حافظ الاسد .

خرجنا في دورية الى الارض المحتلة . ولكن المخابرات اللبنانية القت القبض على الدورية وحتى لا ينكشف امرنا قلنا اننا دورية استطلاع سورية وان ابو علي اياد هو قائد الدورية واما انا فقد اعتقلت تحت اسم الرقيب محمد علي من الجيش السوري ، وقد تمسكنا بهذا الموقف الى ان تدخل احمد سويداني رئيس الاركان السورية فافرجوا عنا ، وعندها فقط عرف غابي لحود وسامي الخطيب ان بين المعتقلين لديهم كان ياسر عرفات .

وقد اصيب الاخ ابو علي اياد اصابة بالغة في حادث انفجار اثناء التدريب والذي ذهب ضحيته الشهيدان احمد الاطرش ومنهل شديد ، ولكن هذه الاصابة البالغة لم تمنعه من الاستمرار في العمل ومتابعة مسؤولياته الثورية والقيادية .

وإن انسى لا انسى وقفة ابو علي اياد الى جانبي في عجلون بعد احداث ايلول ، وقد تسلم مني القيادة بعد ان كان علي ان اغادر للمشاركة في اعمال المجلس الوطني في القاهرة عام 1971 . وقد كان صموده رائعا.ً ولكن كما هو معروف تمت عملية اغتياله والقضاء عليه. ولكن بقي سالماً ساطعاً في ضمير شعبه وامته و مازال شعاره الخالد الصادق يتردد على السنة كل الثوار والاحرار في العالم ... (نموت واقفين ولن نركع).

رحم الله الشهيد ابو علي اياد واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء.